( ليس منّا من استخفّ بصلاته)
صفحة 1 من اصل 1
( ليس منّا من استخفّ بصلاته)
في الحديث : "ليس منّا من استخفّ بصلاته"1.
أ- في ظلال الحديث
إن الصلاة عمود الدين وخير موضوع وحصن من سطوات الشيطان وميزان الإيمان ورأس الإسلام، ومرضاة الرب ومنهاج الأنبياء، وسبب الرحمة وقرة عين النبي صلى الله عليه وآله وقربان كل تقي ومعراج المؤمن وغير ذلك مما جاء في الأخبار الشريفة.
فلما كانت بهذه الأهمية والمكانة كان من الواجب الحفاظ عليها وعدم تضييعها والتهاون والاستخفاف بشأنها وقد حذّر الإسلام تحذيراً شديداً من ذلك كما بيّن الحديث المتقدم وغيره، جاء عن الباقر عليه السلام: "لا تتهاون بصلاتك فإن النبي صلى الله عليه وآله قال عند موته: ليس مني من استخف بصلاته"2، وزاد في حديث آخر: "لا يرد عليّ الحوض لا واللَّه"3.
ونجد أئمتنا صلوات اللَّه عليهم يؤكدون على قبح هذا الأمر، مع الأنفاس القدسية الأخيرة في أعمارهم الشريفة وما ذلك إلا لاعتباره آفة عظمى لا يمكن التغاضي عنها، بل الحث على التخلص منها هو من أولويات المهام الدينية وأكبرها.
يقول أبو بصير: دخلت على حميدة أعزّيها بأبي عبد اللَّه عليه السلام فبكت ثم قالت: يا أبا محمد لو شهدته حين حضره الموت وقد قبض إحدى عينيه ثم قال: ادعوا لي قرابتي ومن لطف لي، فلما اجتمعوا حوله قال عليه السلام: "إن شفاعتنا لن تنال مستخفاً بالصلاة"4.
ب- صلاة غير مقبولة
اتضح مما سبق أن الاتباع الحقيقيين لآل البيت عليهم السلام هم المحافظون على صلواتهم وليسوا أولئك الذين يتهاونون بها، ومن باب أولى ليسوا الذين يضيعون الصلاة، والفرق بين الاستخفاف والتضييع أن الاستخفاف يتحقق بتأخير الصلاة عن أول وقتها من دون انشغال بحاجة أو ضرورة حياتية أو علمية أو غير ذلك بمعنى أنه لا يشغله شيء عن المسارعة والمبادرة إلى أداء الصلاة في أول الوقت سوى أنه لا يعيرها أهمية ويؤخّرها بدون داعٍ شرعي أو عقلي إلى آخر الوقت لكن يصليها بعنوانها الأدائي لا القضائي، وأما التضييع فيتحقق أن يؤخر الصلاة إلى أن يخرج وقتها الطبيعي دون أن يؤديها وهذا أعظم جرماً وأقبح وجهاً من الاستخفاف وإن كان كلاهما قبيحاً ومذموماً في الشرع المقدس.
وبعد أن عرفنا أن المستخف بصلاته يبوء بالحرمان من شفاعة الأئمة عليهم السلام ويا لها من عاقبة وخيمة، نضيف هنا ما روي عن مولانا الصادق عليه السلام من كون صلاته غير مقبولة وإنما تردّ إليه ولا ترفع يقول عليه السلام: "واللَّه إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل اللَّه منه صلاة واحدة، فأي شيء أشدّ من هذا؟ واللَّه إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إن اللَّه لا يقبل إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به"؟!5.
ج- صلاة التكاسل:
ربما يستيقظ الإنسان لأداء فريضة الصبح استيقاظاً ظاهرياً وشكلياً، ويؤديها غير عارف بما قرأ وكيف وأين، وقد يشك فيما بعد أنه أدّاها أو لم يؤدها بحيث تختلط عليه الأيام والظروف والواقع، لأنه صلى مع الغفلة والتثاقل وربما حالة نومه لكن نوم الباطن ويقظة الظاهر، وبالإمكان أن نقول إن ذلك من آثار النعاس الغالب عليه الذي أفقده معرفة ما يقول، فأي صلاة هذه وهو واقف بين يدي الجبّار سبحانه وتعالى؟!
يقول عزّ من قائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾(النساء:43).
وفي تفسيرها قال الباقر عليه السلام: "لا تقم إلى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلل النفاق وإن اللَّه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني من النوم"
وفي حديث آخر: سألته عن قول اللَّه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى..) قال عليه السلام: "... يعني سكر النوم، يقول: وبكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم، ليس كما يصف كثير من الناس يزعمون أن المؤمنين يسكرون من الشراب والمؤمن لا يشرب مسكراً ولا يسكر"7. فإنه عليه السلام يعترض على تفسير الآية بالمسكر الخمري لأن اللَّه تعالى ابتدأها مخاطباً المؤمنين.
وفي حديث المعراج: "يا أحمد! عجبت من ثلاثة عبيد: عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدّام من هو، وهو ينعس
أ- في ظلال الحديث
إن الصلاة عمود الدين وخير موضوع وحصن من سطوات الشيطان وميزان الإيمان ورأس الإسلام، ومرضاة الرب ومنهاج الأنبياء، وسبب الرحمة وقرة عين النبي صلى الله عليه وآله وقربان كل تقي ومعراج المؤمن وغير ذلك مما جاء في الأخبار الشريفة.
فلما كانت بهذه الأهمية والمكانة كان من الواجب الحفاظ عليها وعدم تضييعها والتهاون والاستخفاف بشأنها وقد حذّر الإسلام تحذيراً شديداً من ذلك كما بيّن الحديث المتقدم وغيره، جاء عن الباقر عليه السلام: "لا تتهاون بصلاتك فإن النبي صلى الله عليه وآله قال عند موته: ليس مني من استخف بصلاته"2، وزاد في حديث آخر: "لا يرد عليّ الحوض لا واللَّه"3.
ونجد أئمتنا صلوات اللَّه عليهم يؤكدون على قبح هذا الأمر، مع الأنفاس القدسية الأخيرة في أعمارهم الشريفة وما ذلك إلا لاعتباره آفة عظمى لا يمكن التغاضي عنها، بل الحث على التخلص منها هو من أولويات المهام الدينية وأكبرها.
يقول أبو بصير: دخلت على حميدة أعزّيها بأبي عبد اللَّه عليه السلام فبكت ثم قالت: يا أبا محمد لو شهدته حين حضره الموت وقد قبض إحدى عينيه ثم قال: ادعوا لي قرابتي ومن لطف لي، فلما اجتمعوا حوله قال عليه السلام: "إن شفاعتنا لن تنال مستخفاً بالصلاة"4.
ب- صلاة غير مقبولة
اتضح مما سبق أن الاتباع الحقيقيين لآل البيت عليهم السلام هم المحافظون على صلواتهم وليسوا أولئك الذين يتهاونون بها، ومن باب أولى ليسوا الذين يضيعون الصلاة، والفرق بين الاستخفاف والتضييع أن الاستخفاف يتحقق بتأخير الصلاة عن أول وقتها من دون انشغال بحاجة أو ضرورة حياتية أو علمية أو غير ذلك بمعنى أنه لا يشغله شيء عن المسارعة والمبادرة إلى أداء الصلاة في أول الوقت سوى أنه لا يعيرها أهمية ويؤخّرها بدون داعٍ شرعي أو عقلي إلى آخر الوقت لكن يصليها بعنوانها الأدائي لا القضائي، وأما التضييع فيتحقق أن يؤخر الصلاة إلى أن يخرج وقتها الطبيعي دون أن يؤديها وهذا أعظم جرماً وأقبح وجهاً من الاستخفاف وإن كان كلاهما قبيحاً ومذموماً في الشرع المقدس.
وبعد أن عرفنا أن المستخف بصلاته يبوء بالحرمان من شفاعة الأئمة عليهم السلام ويا لها من عاقبة وخيمة، نضيف هنا ما روي عن مولانا الصادق عليه السلام من كون صلاته غير مقبولة وإنما تردّ إليه ولا ترفع يقول عليه السلام: "واللَّه إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل اللَّه منه صلاة واحدة، فأي شيء أشدّ من هذا؟ واللَّه إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إن اللَّه لا يقبل إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به"؟!5.
ج- صلاة التكاسل:
ربما يستيقظ الإنسان لأداء فريضة الصبح استيقاظاً ظاهرياً وشكلياً، ويؤديها غير عارف بما قرأ وكيف وأين، وقد يشك فيما بعد أنه أدّاها أو لم يؤدها بحيث تختلط عليه الأيام والظروف والواقع، لأنه صلى مع الغفلة والتثاقل وربما حالة نومه لكن نوم الباطن ويقظة الظاهر، وبالإمكان أن نقول إن ذلك من آثار النعاس الغالب عليه الذي أفقده معرفة ما يقول، فأي صلاة هذه وهو واقف بين يدي الجبّار سبحانه وتعالى؟!
يقول عزّ من قائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾(النساء:43).
وفي تفسيرها قال الباقر عليه السلام: "لا تقم إلى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلل النفاق وإن اللَّه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني من النوم"
وفي حديث آخر: سألته عن قول اللَّه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى..) قال عليه السلام: "... يعني سكر النوم، يقول: وبكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم، ليس كما يصف كثير من الناس يزعمون أن المؤمنين يسكرون من الشراب والمؤمن لا يشرب مسكراً ولا يسكر"7. فإنه عليه السلام يعترض على تفسير الآية بالمسكر الخمري لأن اللَّه تعالى ابتدأها مخاطباً المؤمنين.
وفي حديث المعراج: "يا أحمد! عجبت من ثلاثة عبيد: عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدّام من هو، وهو ينعس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى